القرآن الكريم كتاب الإسلام الخالد، ومعجزته الكبرى، وهداية للناس أجمعين، قال تعالى: (الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ
) – سورة إبراهيم/ 1.
من قال به صدق،
ومن عمل به أُجر،
ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم،
ومن استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها،
ومن أعرض عنه وطلب الهدى في غيره فقد ضل ضلالاً بعيداً.
كان خلقه القرآن:
لقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم القرآن منهاج حياة. فقد كان عليه الصلاة والسلام يتدبر القرآن، ويكثر من تلاوته، ويعمل بأوامره ويترك نواهيه؛ حتى وصف بأن القرآن كان خلقه. فقد فقيل لعائشة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين ماذا كان خُلُق النبي؟ قالت: ( كان خلقه القرآن ) - قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} - سورة القلم / 4.
هذا الكتاب العظيم ( القرآن الكريم ):
• القرآن الكريم كتاب الله يهدي للتي هي أقوم - و هو خير الطرق وأقومها وأهداها، فهو يهدي إلى الحق ويدل عليه ويدعو إليه. والطريق الأقوم هو توحيد الله وطاعته والوقوف عند حدوده، وترك معصيته {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} سورة الإسراء/ 9 ، 10.
• وهو كتاب يخرج الله به الناس من الظلمات. يخرجهم من ظلمات الشرك والمعاصي إلى نور الحق والهدى. ويخرجهم من الفرقة والاختلاف إلى الاجتماع على الخير والتعاون على البر والتقوى. وهذا هو صراط الله المستقيم {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} سورة إبراهيم/ 1.
• أنزله الله جل وعلا تبياناً لكل شيء، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، كما قال - سبحانه - في سورة النحل: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} سورة النحل/ 89.
• وهو يهدي إلى طريق السعادة، ورحمة وبشرى {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ} سورة فصلت/ 44. فهو هدىً لقلوبهم للحق، وشفاء لها من أمراض الشرك والمعاصي والبدع والانحرافات
• وهو الدال على سبيل النجاة والمخرج من جميع الفتن والداعي إلى جمع الكلمة، وهو المحذر من الفرقة والاختلاف {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}
• والقرآن هو أحسن القصص {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}
القرآن هو الوصية الكبرى التي تركها النبي:
القرآن هو الوصية الكبرى التي تركها النبي صلى الله عليه وسلم للأمة في خطبته يوم عرفة في حجة الوداع:
(إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به؛ كتاب الله ) رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
فيخبر أنهم لن يضلوا إن اعتصموا به - وفي اللفظ الآخر: (كتاب الله وسنتي) رواه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة .
ولذلك على المسلم ألا يكون من الذين يهجرون كتاب الله، ولا يذكرونه إلا في مواسم معينة. ولتحرص كل الحرص وأنت تتلو كتاب الله أن تستحضر نية الإخلاص لله سبحانه، وأن تكون على حالة من الخشوع والوقار، لأنك تتلو كتاب رب العالمين. وقد كان من وصية بعض أهل العلم لولده قوله له: ( اقرأ القرآن وكأنه عليك أنزل ).
وأخيراً يا أيها الآباء ويا أيها الأمهات ويا أيها المربون، استوصوا بالأجيال خيراً، نشئوها على حب كتاب ربها، علموها العيش في رحابه، والاغتراف من معينه الذي لا ينضب، فالخير كل الخير فيه، وتعاهدوا ما أودع الله بين أيديكم من الأمانات، بتربيتها تربية قرآنية، كي تسعدوا في الدنيا قبل الآخرة، فما هانت أمة الإسلام إلا بهجرها لكتاب ربها وبعدها عنه. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وحبِّب أبناءنا تلاوته وحفظه والتمسك به، واجعله نوراً على درب حياتهم، آمين .
إخوتي الكرام قصدت بهذا الموضوع إفادة نفسي أولا وترغيبها في التمسك بحبل الله المتين ، و ألا نهجره كي لا يشتكينا نبينا الكريم القيامة " وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا " آية 30 سورة الفرقان ،
وهجر القرآن أحبابي أربعة أنواع هي :
1- هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.
2- هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به.
3- هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.
4- هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
5- هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به، وكل هذا داخل في قوله:{ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القُرْآنَ مَهْجُوراً } سورة الفرقان، الآية 30. وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.
ولكن أيها الأحباب فلنجعل لأنفسنا وردا يوميا عسي الله أن يبارك في أعمالنا و يتقبلها منا إنه هو السميع العليم .