فرنسا تجعل من الجزائريين فئران تجارب
كشف بحث تاريخي أنّ سلطات الاستعمار الفرنسية استخدمت 42 ألف جزائري “فئران تجارب” في تفجيرها أولى قنابلها النووية في صحراء الجزائر في 13 أكتوبر 1960 و27 ديسمبر من العام نفسه. وقالت الدراسة إنّ فرنسا أجرت التجربتين المذكورتين في بلدة الحمودية وجبل عين عفلى التابعتين لمنطقة رقان
وذكر الباحث الفرنسي المتخصص في التجارب النووية الفرنسية برينو باريلو إنّ القنبلة النووية إياها فجّرت على 24 ألف شخص من السكان المحليين وأسرى جيش التحرير الجزائري، ما يمثل أقسى صور الإبادة والهمجية التي ارتكبها المحتل الفرنسي في حق الجزائريين الذين يطالبون اليوم باحترام واجب الذاكرة قبل الاندراج في أي مخطط صداقة.
وعرض باريلو، في ندوة في العاصمة الجزائرية، صوراً لمجاهدين جزائريين مصلوبين يلبسون أزياء عسكرية مختلفة، وصوراً أخرى عن حجم الدمار الذي أحدثته القنبلة على بيئة المكان، وما آلت إليه معدات عسكرية (طائرات ومدرّعات) كانت رابضة على مبعدة كيلومتر من مركز التفجير. وأوضح أنّ الفرنسيين تعمّدوا الإكثار من ضحايا التجريب وتنويع الألبسة، للوقوف على مستوى مقاومة البشر للإشعاعات النووية على مسافات مختلفة، معتبرا أنّ فرنسا مُدينة للجزائر بسبب التجارب النووية التي أجرتها على أراضيها بين 1961 و1966.
وقال باريلو إنّ معظم الصحراء الجزائرية متضررة من الإشعاعات النووية المنتشرة عبر الرياح، وإن سكان تلك المناطق يبقون مهددين بما تفرزه شظايا البلوتونيوم، وإنّ اتفاقية إيفيان التي وقعتها فرنسا مع جبهة التحرير الجزائرية، وكانت مقدمة لاستقلال البلاد في ما بعد، نصت على استكمال باريس تجاربها النووية في الصحراء الجزائرية، علما أنّ فرنسا أجرت 210 تجارب نووية بين 1960 و،1996 وتعدّ بذلك ثالث قوة نووية بعد الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي السابق.
وكان باريلو قد أفاد قبل أشهر في كتابه “ضحايا التفجيرات النووية الفرنسية يتناولون الكلمة” أنّ فرنسا أجرت خلال احتلالها للجزائر نحو 17 تجربة نووية في صحراء الجزائر، 4 منها أجريت فوق الأرض في منطقة رقان بين 1960 و،1961 فيما تمت 13 تجربة أخرى تحت الأرض في “عين إيكر” التابع لضاحية الهوقار في الفترة نفسها. وقد عمد الجيش الفرنسي، في هذه التجارب، إلى استخدام جزائريين كثيرين لاختبار مفعول الإشعاعات النووية إثر تفجير قنابل بلغت قوتها أكثر من 630 كيلو، وامتدت مساحة إشعاعها إلى سبعمائة كيلومتر، بما تسبّب في إحراق قطاع واسع من الجنوب الجزائري، ونجم عنه كوارث بيئية وإنسانية ظلّت طي الكتمان، لم تكلف الدولة الفرنسية نفسها عناء الاعتراف بها إلى حد الآن.
وروى المجاهد الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي محمد بن جبار (68 عاما)، وهو أحد ضحايا الإشعاعات النووية وآخر من بقي من الشهود الجزائريين الأحياء، أنّ المنشآت التي تسلمتها الجزائر من الجيش الفرنسي لم تقتصر على المخابئ التي ردمت فيها بقايا التجهيزات والمركبات البرية والجوية التي استعملت في التجارب، ولكن أيضاً محطة توليد الكهرباء التي كانت تعمل بالطاقة النووية، فضلاً عن منشآت هيدروجينية وآلاف الأطنان من المواد الحديدية والنحاسية التي لم يتم ردمها وغيرها. وقال إنّ تلك التفجيرات أفرزت مظاهر الاحتراق والقحط الذي طال الصحراء الجزائرية وقتل نباتها وحيواناتها، حتى أن الخراف والجمال صارت تلد “وحوشاً”، وظهرت أمراض غريبة وسط سكان المنطقة، ثم كشف عسكريون وأطباء فرنسيون عديدون أنّ جيش بلادهم استخدم سكان المناطق التي تمت فيها التفجيرات، ومنهم من استقدم من مناطق أخرى، في حقل التجارب الإشعاعية، ووضعوا في مناطق التفجيرات من دون وقاية، ولم يخضعوا بعدها لأي عمليات علاج من هذه الإشعاعات
.
ظلت فرنسا تفكر في الحصول على السلاح النووي، طيلة تاريخها الاستعماري وقد استباحت من أجل ذلك حرمة الإنسان الجزائري والأرض الجزائرية. وبعد إجراء تجاربها بالصحراء بالحمودية في رڤان واينكر بتمنراست أخفت كميات النفايات التي خلفتها التجارب وكذا حجم الأرقام المتعلقة بانتشار الإشعاع النووي، فضلا عن عدد الضحايا، حيث يقول ضحايا التفجيرات الذين استخدمتهم في حقول التجارب أنهم عاشوا لحظات "قيام الساعة"، خاصة أثناء تفجير قنبلة اليربوع الأزرق في 13 فبراير 1960 والتي فاقت طاقتها ثلاثة أضعاف قنبلة هيروشيما، ويشير أحد الشهود من رڤان، أن فرنسا وضعت في حقول التجارب بالحمودية مواطنين من المنطقة ومعتقلين وعناصر من اللفيف الأجنبي وحيوانات وطيور مختلفة ووضعت في رقبة كل فرد وحيوان سلسلة مرقمة، ولما وقع التفجير، اهتزت الأرض وامتدت أشعة الضوء إلى أمكنة تبعد بنحو 200 كم من رڤان.
ويضيف شاهد أخرمن سالي كنا نعتقد أن التفجير زلزال، لقد انهارت عدّة بنايات وتصدعت الأرض واضطرب تدفق مياه الفقاقير، لقد أرعبت فرنسا السكان وأجبرتهم على الخروج من قصورهم ولا يزال الرعب يسكن القلوب، ويكشف بوجمعة سوداني من زاوية كنتة عن حجم الإرهاب الذي خلفته التجارب السطحية برڤان ويقول لقد مارست فرنسا سياسة التجارب على البشر والتدمير من أجل البقاء بالمنطقة واعتقدنا أن توات زالت من على وجه الأرض، لقد كانت تجارب لا توصف ولا يمكن التعبير عن كل شيء، والخلاصة هي الحمد لله على كل حال.
ويجمع ضحايا التفجيرات الفرنسية برڤان على أن ما حدث جرائم ولا بد من معاقبة الفرنسيين، لقد دمروا الحياة بالجهة وتنتشر حاليا بقصور المنطقة أمراض الجلد والسرطان والعيون، والمشكلة الرئيسية مع أخطار وتأثيرات الإشعاع النووي أنها تنتقل للأجيال اللاحقة بسبب التأثيرات الوراثية ولا يمكن السكوت عن ما خلفته التفجيرات الأربعة برڤان والتفجيرات الـ13 بتمنراست، فالشهود والضحايا الذين التقينا بهم يجمعون على أن منطقة رڤان بأدرار لا تزال تحت تأثيرات الإشعاع النووي وهو ما ألمحت* إليه* جمعية* الـ13* فبراير* التي* طالبت* مرارا* فرنسا* الاعتراف* بجرائمها* وتعويض* الضحايا،* غير* أن* مبادراتها* أريد* لها* الإجهاض،* بينما* لاتزال* هناك* خبايا* وأسرار* في* طي* الكتمان*.